هنالك شاب الوليد وحق الوعيد وعظم الهول الشديد قال تعالى:{وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}[ق: ٢٢] . وخضعت الرقاب وذل كل فاجر كذاب ورجع الأشقياء بالخسران والتباب فالسعيد من استعمل نفسه في طاعة الملك المعبود وخاف أن لا ينجو من النار بعد الورود.
فانتبه أيها العبد لأيام شبابك قبل فراق أحبابك وأحفظ أيام عمرك قبل حلول قبرك واغتنم حياتك قبل أوان وفاتك فإن العمر بالسنين ينهب والأجل بمرور الليالي والأيام يذهب.
[٥٦- "موعظة"]
عباد الله أحسنوا إلى الوالدين ما أمكن لكم الإحسان، وإن حسبتم أنكم كافأتموهم فقط أخطأتم في ذلك الحسبان، وكونوا معهما في غاية الأدب والاحترام، واحذروا سوء الأدب عندهما وإلا هويتم في هوة شقاء ما لها من قرار وكونوا معهما في إجلال واحترام، وتقدير تام وإن حصل منهما لك ظلم، لأنهما اللذان لولا الله ثم لولاهما لم تخرج على هذا الوجود ولأنهما اللذان سخرهما الله لك فصبرا على ما رأيا من الأهوال، وسخرهما لتربيتك والعناية بك في هذه الحياة. تذكر زمن حمل أمك بك وأنت في بطنها علة من أكبر العلل، وتذكر وقت أن كانت تلدك وهي مما بها لا من الأحياء ولا من الأموات وتذكر ما خرج عقب ولادتك من النزيف الدم الذي هو نفسها.
وتذكر أنك كنت تمص دمها مدة الرضاع، وسرورها بك تقصر عن