مولانا فاضحات السرائر، ولا تُخلنا في موقف القيامة من برد عفوك وغفرانك ولا تتركنا من جميل صفحك وإحسانك وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على مُحمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
[٦٥- "موعظة في الحث على الإقبال على الآخرة"]
إخواني أين رُفقاؤنا وإخواننا أين ذهب معارفنا وجيراننا أين أصدقاؤنا أين زُملاؤنا وأقراننا أين عُلماؤنا العاملون بعلمهم أين آباؤنا وأجدادنا رحلوا وقلَّ والله بعدهم بقاؤنا هذه مساكنهم فيها غيرهم قد نسيناهم ونسيهم مُحبهم وجفاهم. أين أصحاب القصور الحصينة، والأنساب العالية الرصينة والعقول الراجحة الرزينة، قبضت عليهم يدُ المنايا فظفرت، ونُقلوا إلى أجداث ما مُهدت إذ حُفرت ورحلوا بذنوبٍ لا يدرون هل غُفرت أو بقيت فالصحيح منهم بالحزن قد سقم والمدعو إلى دار البلى أسرع ولم يقم والكتاب قد سطر بالذنوب فرُّقِم، ولذيذ عيشهم بالتنغيص قد ختم وفراقهم لأحبابهم وأموالهم قد حُتم والولد قد ذل ويُتم، فتفكروا في القوم كيف رحلوا، وتذكروا ديارهم أين نزلوا، واسألوا منازلهم عنهم ماذا فعلوا فانتبه من رقادك قبل أن تصل ما وصلوا يا من غفل وسهى ولهى ونسي المقابر والبلى.
[٦٦ - موعظة]
عباد الله إن التوبة من الذنوب مفتاح السعادة في هذه الدار وفي دار القرار، وإنما كانت التوبة كذلك لأن بها يغفر الله الذنوب جميعاً لا فرق بين صغارها والكبار ولأن التائب إذا صحت توبته بأن اجتمعت شروطها وانتفت