وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً} [الإسراء: ١٧] . بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
[١٣٢- (خطبة)]
الحمد لله الذي يجود على عباده بسوابغ النعم ويعود عليهم بالمزيد ويبالغ بالكرم ويتطول على الطالبين وإن قصرت منهم الهمم ويتفضل على الراغبين مما لا تنتهي إليه آمالهم ولا جرم جواد لا يحصر جوده جنان ولا لسان ولا قلم فمن بعض إحسانه يكشف غياهب الظلم رحمن رحيم يعم ويخص برحمته من يشاء من الأمم مجيد عظيم من زعم أنه عرفه حق معرفته فهو مدع متهم.
أحمده حمد مكثر ومستزيد للنعم وأشكره على كل ما منح وأعطى وقدر وقسم وأستغفره وأتوب إليه من كل هفوة وزلة قدم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيته والربوبية والبقاء والقدم وإنها لشهادة حق وصدق ما خاب من استمسك بها واعتصم وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله سيد العرب والعجم الذي أرسله الله تتمة للمرسلين ونعمة للمتقين ورحمة للعالمين وشفيعًا وشهيدًا لسائر الأمم.
نبي لم يزل يطالع شواهد الحق ويدعم ملاحظة المراقبة حتى كان إذا نامت عيناه فقلبه لم ينم - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أولي الفضل والكرم صلاة وسلامًا دائمين متلازمين بدوام تعلق علمه بكل مخدوم وخدم.
أما بعد: فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى سرًا وجهرًا وتوبوا إليه من الذنوب فالتوبة تجب ما قبلها ولو كان كفرًا ولا تكونوا ممن يخالف لله أمرًا