الحمد لله الذي جعل النار مثوى للكافرين وعاقبة المجرمين والمتكبرين والمتجبرين فهو الحكم العدل شديد العقاب وأحكم الحاكمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي حذر وأنذر وأخبر أن جهنم مثوى للظالمين. اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه أئمة المتقين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الناس اتقوا ربكم واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، فإن الله أخبر انه لا يُصلي النار إلا الأشقى الذي كذب وتولى وجمع فأوعى، ونسى المبتدأ والمنتهى، فهي دار من طغى وبغى، وتجبر على الخلق وآثر الحياة الدنيا، دار الشقاء الأبدي والعذاب الشديد السرمدي، دار جمع الله فيها للطاغين أصناف العذاب، وأحل على أهلها السخط والسعير والحجاب، دار اشتد غيظها وزفيرها، وتفاقمت فظاعتها وحمي سعيرها، قعرها بعيد، وعذابها شديد، ولباس أهلها القطران والحديد، وطعامهم الغسلين وشرابهم الصديد، يتجرعه المجرم ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت فيستريح من التنكيد، يتردد أهلها بين الزمهرير المفرط برده وبين السعير، ويلاقون فيها العنا والشقا فيا بئس المثوى ويا بئس المصير، ويُلقى عليهم الجوع الشديد المفظع، والعطش العظيم الموجع، فيستغيثون للطعام والشراب، فيغاثون من هذا العذاب بأفظع عذاب، يغاثون بماء كالمهل وهو الرصاص المذاب، خبيث الطعم منتن الريح حره قد تناهى، إذا قرب من وجوههم اسقط جلدها ولحمها وشواها وإذا وقع في