عباد الله، أما بلغكم أن طعام أهلها الزقوم، وشرابهم الحميم، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الأرض لأمرت على أهل الدنيا معيشتهم» . فكيف بمن هو طعامه، لا طعام له غيره، قال تعالى:{إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ}[الدخان:: ٤٦] .
أخرج الطبراني وابن أبي حاتم من طريق منصور بن عمار حدثنا بشير بن طلحة عن خالد بن الدريك عن يعلى بن منية رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "ينشء الله لأهل النار سحابة سوداء مظلمة، فيقال يا أهل النار أي شيء تطلبون، فيذكرون بها سحابة الدنيا، فيقولون يا ربنا الشراب، فتمطر أغلالاً تزيد في أغلالهم، وسلاسل تزيد في سلاسلهم، وجمرًا يلتهب عليهم".
اللهم توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[٤٩- "موعظة"]
ابن آدم كأنك بالموت وقد فجأك وألحقك بمن قد سبقك من الأمم ونقلك من الفلل والعمائر إلى بيت الوحدة والوحشة والظلم ومن ذلك إلى عسكر الموتى مخيمة بين الخيم مفرقًا من مالك ما اجتمع ومن شملك ما انتظم وليس لك قدرة فتدفعه بكثرة الأموال ولا بقوة الخدم وندمت على التفريط ولات ساعة ندم.
فيا عجبًا لعين تنام وطالبها مجد في طلبها لم ينم، متى تحذر مما توعد وتهدد، ومتى تضرم نار الخوف في قلبك وتتوقد إلى متى حسناتك تضمحل وسيئاتك تتجدد، وإلى متى لا يهو لك زجر الواعظ وإن شدد وإلى متى وأنت