وخزائنها لا ينقص عند الله جناح بعوضة فأبى أن يقبلها وكره أن يُحب ما أبغضه خالقه أو يرفع ما وضعه مليكه، زواها الله عن الصالحين اختياراً وبسطها لأعدائه اغتراراً أفيظن المغرور بها أنه أُكرم بها ونسي ما صنع الله بمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - حين شد على بطنه الحجر، والله ما أحد من الناس بُسط له في الدنيا فلم يخف أن يكون مَكراً إلا كان قد نقص عقله وعجز رأيه وما أمسك عن عبدٍ فلم يظنه خيراً له فيها إلا نقص عقله وعجز رأيه.
اللهم ألهمنا ذكرك وشكرك وارزقنا الاستقامة طوع أمرك وتفضل علينا بعافيتك وجزيل عفوك واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على مُحمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
[٧٢ - موعظة]
وقال الشيخ الواسطي في بعض رسائله: إذا أراد الله بعبدٍ خيراً أقام في قلبه شاهداً من ذكر الآخرة يُريدُ فناء الدنيا وزوالها وبقاء الآخرة ودوامها فيزهده في الفاني ويُرغبه في الباقي فيبدأ في السير والسلوك في طريق الآخرة وأول السير فيها تصحيح التوبة، والتوبة لا تتم إلا بالمحاسبة ورعاية الجوارح السبعة، العين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل وكفها عن جميع المحارم والمكاره والفضول هذا أحد شطري الدين ويبقى الشطر الآخر وهو القيام بالأوامر فتحقيق الشطر الأول وهو ترك المناهي من قلبه وقالبه.
أما القالب فلا يعصي الله بجارحةٍ من جوارحه ومتى زل أو أخطأ تاب وأما القلب فتُنقي منه الموبقات المُهلكات مثل الرياء والعجب والكبر والحسد والبُغض لغير الله وحب الدنيا ورد الحق واستثقاله والازدراء بالخلق ومقتهم وغير ذلك من الكبائر القلبية التي هي في مقابلة الكبائر القالبية من شرب الخمر والزنا