للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٣٥- "موعظة"]

عباد الله قد كثر في زمننا اليوم أناس يرى أحدهم قدر نفسه فوق ما تتصوره الأفهام ويجزم كل الجزم أنه رفيع المقام، رفعة كل رفيع معها تحت الأقدام، لا تذكر أمامه فاضلاً إلا ضحك وهز رأسه متهكمًا ساخرًا بما له من مقام وقديمًا قيل:

وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ ... رَأَى غَيْرُهُ مِنْهُ مَالا يَرَى

وتجد هذا المتكبر المعجب بنفسه شرسًا أحمقًا ذا إباء واستعصاء حتى على خالقه القدير الكبير المتعالي وتراه ناري المزاج يلتهب التهابًا وينفجر لأدنى كلمة لا ترضيه ولو لم يقصد قائلها إلا الحسنى.

ومن علاماته أنك تجده حريصًا على أن يكون أمام الناس وأن يصغوا إلى كلامه ويؤلمه كلام غيره ولو كان حقًا وتجد ثيابه مسبلة وفي مشيه يتبختر مصعرًا خده وإن كان عليه عقال تجده مميلاً له وتجد بعضهم قد وفر شاربه وفتله وسوى شنباته كالقرون قال بعضهم:

إِنَّ الكَمَالَ الذِيْ سَادَ الرِّجَالُ بِهِ ... هُوَ الوَقَارُ وَقَرْنُ العِلْمِ بِالعَمَلِ

فَقُلْ لِمَنْ يَزْدَهِيْ عُجْبًا بِمَنطِقِهِ ... وَقَلْبُهُ فِي قُيُوْدِ الحِرْصِ وَالأَمَلِ

مَهْلاً فَمَا اللهُ سَاهٍ عَنْ تَلاعُبِكُم ... لَكِنَّ مَوْعِدُكُمْ فِي مُنْتَهَى الأَجَلِ

وَقُلْ لِمَنْ فَخْرُه فِي فَتْلِ شَارِبِهِ ... أَضَعْتَ عُمْرَكَ بَيْنَ الكِبْرِ وَالكَسَلِ

حَتَّامَ تُبْرِمُ يَا وَافِيْ القَفَا شَنَبًا ... مَا فِي طَوَايَاهُ إِلا خَيْبَةُ الأَمَلِ

أَصْبَحْتَ بُعْبُعَ مَنْ فِي البَيْتِ تُزْعِجُهُمْ ... هَلا أَخَفْتَ العِدَا يَا مُعْرَضَ الخَجَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>