وقال أحد السلف لأن أعلم أن الله تقبل مني مثقال حبة من خردل أحب إلي من الدنيا وما فيها لأن الله تعالى يقول:{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة: ٢٧] .
وقال إبراهيم التيمي مثلت نفسي في النار أعالج أغلالها وسعيرها وأكل من زقومها وأشرب من حميمها فقلت يا نفس أي شيء تشتهين قالت أرجع إلى الدنيا أعمل عملاً أنجو به من هذا العذاب.
ومثلت نفسي في الجنة مع حورها ألبس من سندسها واستبرقها وحريرها فقلت يا نفس أي شيء تشتهين قالت أرجع إلى الدنيا فأعمل عملاً أزداد به من هذا الثواب فقلت الآن أنت في الدنيا وفي الأمنية. والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وسلم.
[٧ -[موعظة]]
عباد الله إن مفتاح سعادة المرء في دنياه وأخراه أن يراقب مولاه بحيث يكون في كل حال من أحواله مستحضرًا عظمة ربه وجلاله ولا ينساه مؤمنًا بأنه تعالى يراه أينما كان ويعلم سره ونجواه فمن كان هكذا أورثه ذلك خشية ربه في سره وعلانيته، فإذا خاف الإنسان ربه خوفًا صحيحًا وقف ولا بد عندما حد له من حدود يفعل أوامره ويجتنب نواهيه، لا يحمله على ذلك إلا إجلاله لربه، ومن أبعد البعد أن يقرب المعصية من كان هكذا، لأنه يستحضر أن الله تعالى يراه، ويوقن أن الله تعالى يجازيه على كل ما قدم من طاعة أو معصية فإذا وصل العبد إلى هذه الحالة كان مع توفيق الله له من صفوة خلق الله المتقين الذين لله تعالى بهم عناية فوق ما يتصوره المتصورون هو أنه تعالى أخبره عن مبلغ هذه العناية في الكتاب المبين أخبر تعالى أنه معهم