عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى؛ وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون. فاذكروا الله على نعمه، واشكروه على آلائه؛ ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
[١٦٩- (خطبة)]
في التحذير من طغيان المادة ومن التشاؤم
الحمد لله كاشف البلاء، ومسدي النعماء؛ الحكيم في صنعه، العليم بمصالح عباده؛ أحمده سبحانه، قدر الأقدار، وحدد الآجال؛ فجرت على ما قضى وقدر. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تكفل برزق العباد، فلا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد المتوكلين، وقوة البررة الصالحين. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فيا عباد الله، ظاهرتان فاشيتان، ونزعتان ملتويتان؛ من واجب المسلم أن يترفع عنهما، ويبتعد عن مزالقهما، ويحذر الوقوع في شباكهما؛ صيانة لإسلامه، وحرصًا على مرضاة ربه. الظاهرة الأولى: مادية طاغية، تُضعف في النفوس عقيدة التوكل على الله، وتنحرف بالمسلم عن المثل الكريمة، وتحمله على الشح البغيض، والجشع المذموم؛ تحمله على هذه الرذائل بدعوى تأمين المستقبل، والخوف من الفقر، والاحتياط لليالي السود. وإن المستقبل - يا عباد الله- بيد الله، والله وحده هو المتصرف فيه وكم من مستكثر في جميع حطام الدنيا يمنع فيه حق الله، ولا يجعل فيه قسطًا لسائل