وملاهيه، وإن سألت عنهم وقت صلاة المغرب وجدت بعضهم يمشي مترددًا، والبعض في الملعب، والبعض عند التلفزيون، أو المذياع، وأما العشاء الآخرة فتلك هم فيها أقسام أكثرهم حول التلفزيون أو في الأسواق، أو يلعبون ورقة، أو نحو ذلك من المنكرات وهكذا قتلوا أوقاتهم الثمينة، وضيعوها، وقضوا على مستقبلهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله والله أعلم بما أراده بعباده، قال تعالى:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الروم: ٤١] والحالة هذه مخيفة لذوي العقول والفهوم، لا سيما وقد توالت أسباب الهناء والراحة، والسرور، والاطمئنان، وقد قيل إذا رأيت الله تعالى أنعم على عبد وهو مقيم على معصيته فاعلم أنه مستدرج وروى عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معصيته فإنما ذلك استدراج ثم تلا: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ}[الأنعام: ٤٤] » وقال قتادة ما أخذ الله قومًا إلا عند سكرتهم وغرتهم، ونعمتهم، فلا تغتروا بالله، فإنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون.
[١٩- موعظة]
عباد الله لقد توعد الله الذين يخالفون أمره وينصرفون عن ذكره ويجترؤن على معاصيه بشديد غضبه وعظيم سخطه وحذرهم بأسه وانتقامه فما بال كثير من الناس بعد القرون الأولى عمدوا إلى محارم الله فارتكبوها ومأموراته فاجتنبوها ثم عادوا بمر الشكوى من تغير الأحوال وانتزاع البركة من الأرزاق والأموال.