ولا يعلمون من الذي أعطاهم ولا أعلم أنه وصل أحدًا بأقل من مائة درهم إلا أن يمكنه ذلك.
ودخلت عليه قبل موته بأربعة أيام فقال: يا أبا عبد الله أبشر بما صنع الله بأخيك من الخير قد نزل بي الموت وقد من الله علي أنه ليس عندي درهم يحاسبني الله عليه.
وقد علم ضعفي فإني لا أطيق الحساب، فلم يدع عندي شيئًا يحاسبني الله عليه ثم أغلق الباب ولا تأذن لأحد علي حتى أموت.
واعلم أني أخرج من الدنيا وليس أدع ميراثًا غير كسائي، وإنائي الذي أتوضأ فيه وكتبي.
وكانت معه صرة فيها نحو ثلاثين درهما، فقال: هذا لابني أهداه إليه قريب له ولا أعلم شيئًا أحل لي منه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«أنت ومالك لأبيك» .
فكفنوني منها وابسطوا على جنازتي لبدي وغطوا علي بكسائي وتصدقوا بإنائي أعطوه مسكينًا يتوضأ منه ثم مات باليوم الرابع رحمه الله.
[٤- موعظة]
كان السلف رحمهم الله ومن سار على نهجهم من الخلف احرص الناس على حفظ الوقت، وتعبيته بالأعمال الصالحة سواء في ذلك العالم، وطالب العلم، والعابد.
وكانوا يقتدي بعضهم ببعض ويوصي أحدهم الآخر على صيانته وملئه بالخير وكانوا يسابقون الساعات، ويبادرون اللحظات، حرصًا منهم على الوقت، وأن لا يذهب هدرًا.