عباد الله إن الناس في هذا الزمن لم يعرفوا ربهم المعرفة التي تليق بجلاله وعظمته ولو عرفوه حق المعرفة لم يكونوا بهذه الحال لأنه من كان بالله أعرف كان منه أخوف إن العارف بالله يخشاه فتعقله هذه الخشية بإذن الله عما لا ينبغي من الأقوال والأفعال قال الله تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}[فاطر: ٢٨]
العارف بالله لا يجرؤ أن يحرك لسانه بكلمة من المنكرات أفعال أو أقوال كالغيبة والنميمة والكذب والقذف والفسق والسخرية والاستهزاء ونحو ذلك ولا يستعمل عضوًا من أعضائه في عمل ليس بحلال بل يكف بصره وسمعه ويده ورجله عن المحرمات لأنه يؤمن حق الإيمان بأن الله جل وعلا مهما تخفى وتستر العبد عنه فإنه يراه.
والعارف بالله لا ينطوي على رذيلة كالكبر والحقد والحسد وسوء الظن وغير ذلك من الرذائل الممقوتات لأنه يصدق أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء وأنه يعلم ما تكنه الصدور، كما يعلم العلانية، فلا يستريح العارف حتى يكون باطنه كظاهره مطهرًا من كل فحشاء وكذلك لا تسمع من فم العارف عند نزول المصائب والبلايا والشدائد إلا الحسن الجميل فلا يغضب لموت عزيز أو فقد مال أو مرض شديد طويل لأنه يعلم أن غضبه وتسخطه يفوت عليه أجره ولا يرد ما فات كما قيل: