للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ظُهُورِكُمْ} [الأنعام: ٩٤] . وإن الشأن في هذه الدنيا ليس هو تحصيل شيء من متع الحياة حتى ولو جمع للإنسان فيها ما جمع في قول الله: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ} [آل عمران: ١٤] . ولكن الشأن كل الشأن والأمر الهام الذي ينبغي أن تمتزج العناية به والحرص عليه بلحم الإنسان ودمه، هو أن يوفق الإنسان في هذه الحياة لعمل صالح يكون سببًا لنجاته وزحزحته من النار وفوزه برضى الله ورضوانه، يوم أن توافيه المنية التي كتبها الله عليه بقوله سبحانه {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَاّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: ١٨٥] .

[١١٧- (موعظة)]

عباد الله إن العجب كل العجب من إنسان عاقل أخبر أنه سيسلك طريقًا شائكًا وعرًا مليئًا بالمخاوف والمزعجات والمهالك وأن عليه أن يتصور هذه المخاوف والمخاطر والمهالك ويتصور آثارها على مستقبله الأبدي والذي أخبره أصدق القائلين وأوفى الواعدين الذي أحاط بكل شيء علمًا.

ومع ذلك تراه غافلاً لا اهتمام له بذلك منصرفًا عن الابتعاد عن هذه المهالك والمزلات الفظيعة ومشتغلاً بالدنايا والأمور التافهة من شئون الدنيا الملعونة الملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه.

وما أصيب الإنسان بمرض أشد من الغفلة الذي ربما تحول إلى جمود وقسوة ثم إلى لجاج وعناد ثم إلى كفر وجحود نسال الله تعالى العافية.

ومن أكبر الأدلة على حمق الإنسان وغباوته وجهله أنه يكد ويشقى من

<<  <  ج: ص:  >  >>