عباد الله تيقظوا فالعبر منكم بمرأى ومسمع، وطالما ناداكم لسان الزواجر عن الانهماك في الدنيا وحطامها والتهالك عليها فاسمع.
عباد الله احذروا أن تكونوا مثل من قد محضوا للدنيا كل ما لهم من أعمال وأصبحوا لا يقصدون بتصرفاتهم إلا الدنيا وأما الآخرة فلا تخطر لهم على بال.
أخذت الدنيا أسماعهم وأبصارهم وعقولهم بما فيها من الزخارف الوهمية التي هي مراقد الفناء ومرابض الزوال وقواتل الأوقات.
وهل هي إلا الألعاب والملاهي المشار إليها بقوله تعالى:{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ}[الحديد: ٢٠]
وقوله:{وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[العنكبوت: ٦٤] وقوله: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَاّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [الأنعام:: ٣٢، عباد الله، كل ما ترون من البلايا والمحن من أجل الدنيا ومالها من متاع حقير.
عجب أن يكون كل هذا الاهتمام من أجل دار الغرور وأيامها المعدودة، وكل ما فيها من لذائذ معلوم أنها منغصات ثم منتهيات ذلك فوق أن الأرزاق فيها قد ضمنها اللطيف الخبير خالق كل شيء الذي ما من دابة في الأرض إلا عليه رزقها.