معها إرشاد لأن الغرور متحكم فيها والشهوات محيطة بها فإذا أراد الله بعبده خيرًا بصره بعيوب نفسه فأصلحها واتهمها دائمًا بالنقص وطالبها بالكمال حتى تلتحق بالنفوس الزكية والأرواح الطاهرة وهكذا كان سلفنا الصالح فكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول رحم الله امرأ أهدى إلي عيوب نفسي وكانوا إذا أرشدهم أخ من إخوانهم إلى عيب في نفوسهم فرحوا بهذا التنبيه وطهروا نفوسهم منه وشكروا من نصحهم وجعلوا نصيحته منة له عليهم ولم يأنفوا ولم يستكبروا لأنهم يتهمون نفوسهم ويرونها ناقصة ويسعون إلى رفعتها إلى أوج الكمال وبهذا بلغوا ما بلغوا ونالوا ما نالوا يا عباد الله كيف نرضى عن نفوسنا والله جل وعلا يقول:{إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}[يوسف: ٥٣] عباد الله من منا بلغ معشار ما بلغه عمر في كمال نفسه وقوة إيمانه وشدة يقينه وقد كان يقول لأصحابه من رأى منكم في اعوجاجًا فليقومه هكذا كان ظنه رضي الله عنه بنفسه على جلالة قدره وعلو منزلته في دينه وكل ما كان أكبر كان أقل إعجابًا بنفسه وأكثر مطالبة لها بسلوك طريق الحق.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين واغفر لنا ولوالدينا وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[٩٠- "موعظة"]
عباد الله لقد امتن الله على خاتم رسله، وصفوة خلقه، سيدنا محمد بن عبد الله بأشرف المنن، واختصه بأجل النعم، وآتاه من فضله ما لم يؤت أحدًا