للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

سواه، أدبه فأحسن تأديبه، وهذبه فأكمل تهذيبه، ومنحه من الصفات الجميلة غايتها، ومن الأخلاق الكريمة نهايتها، ثم أثنى عليه فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم٤] قالت عائشة رضي الله عنها: كان خلقه القرآن يرضى برضاه، ويسخط بسخطه، وكان - صلى الله عليه وسلم - أوسع الناس صدرًا، وأصدقهم قولاً، وألينهم جانبًا، وأكرمهم عشرة، يؤلف الناس ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، يتفقد أصحابه ويعطي كل جليس نصيبه، حتى لا يحسب جليسه أحدًا أكرم عليه منه، من جالسه أو قاربه بحاجة سايره، حتى يكون هو المنصرف عنه، قد وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أبًا رحيمًا. وصاروا عنده في الحق سواء، لذلك اجتمعت عليه القلوب بعد نفورها، وتألفت النفوس بعد جموحها، تحقيقًا لقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران١٥٩] وكان - صلى الله عليه وسلم - حليمًا مع الأذى، عفوا مع القدرة، صبورًا على المكاره، وتلك خصال أدبه بها ربه، فقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩]

سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل عليه السلام عن تفسيرها، فقال: إن الله يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وكان - صلى الله عليه وسلم - أكرم الناس، وأسخاهم يدًا، وأطيبهم نفسًا، ما سئل عن شيء قط فقال لا، من سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو بميسور من القول، يجيب دعوة من دعاه، ويقبل الهدية ولو كانت كراعًا، ويكافئ عليها خيرًا منها، وكان عليه الصلاة والسلام أشجع الناس، وأعظم الناس غيرة وإقدامًا، فر الفرسان والأبطال عنه غير مرة، وهو ثابت لا يبرح، مقبل لا مدبر، ولا يتزحزح،

<<  <  ج: ص:  >  >>