عباد الله ما للألسن عن شكر نعم الله المتتالية قاصرة، وما للعيون إلى زهرة الحياة الدنيا الفانية ناظرة، وما للأقدام عن طريق الهداية الواضحة حائرة وما للعزائم والهمم عن العمل الصالح فاترة وما للنفوس لا تتزود من التقوى وهي مسافرة وما لها لا تتأهب وتستعد للنقلة إلى الدار الآخرة، أركونا إلى الدنيا وقد فرقت الجموع وكسرت أعناق الأكاسرة وقصرت آمال القياصرة وأدارت على أهلها من تقلبها الدائرة أم اغترارًا بالإقامة، ومطايا الأيام بكم في كل لحظة سائرة أم تسويفًا بالتوبة والأعمال فهذه والله الفكرة والصفقة الخاسرة لقد رانت على القلوب قبائح الأعمال، وضربت عليها وعلى المسامع من الذنوب أقفال فيا خجلة من سئل فعدم الجواب أو بجواب يستحق عليه أليم العذاب ويا حسرة من نوقش عن الدقيق والجليل في الآخرة الحساب، ويا ندامة من لم يحصل إلا على الغضب من الكريم الوهاب ويا خيبة من مآله إلى نار تلتهب إلى إحراقه التهابا، فمتى تقبلون على الله بقلوب صادقة لا تنتهون من مفارقة الذنوب بعزمة صادقة، لا في الصادقين تيقنون أنه ثابت لكم قدم، ولا في التائبين صحت لكم توبة وإقلاع وعزم وندم. ولا عند تلاوة كتاب الله تقشعر منكم الجلود ولا عند سماع المواعظ ترق منكم القلوب، التي هي أقسى من الجلمود فبماذا ترجون لحاق السعداء؟ وكيف تطعمون في الفوز والنجاة معهم غدًا؟ وأنتم تتبعون الخطايا بالخطايا وتبارزون الله بها في البكر والعشيا، فيا حسرة نفوس أطمأنت إلى الدنيا دار الغرور، ويا خراب قلوب عمرت بأماني كلها باطل وزور، ويا نفاذ أعمار ينقص منها كل يوم وساعة ولا يزاد ويا خيبة مسافر يسير السير السريع وهو بلا زاد، فالبدار البدار عباد