الحمد لله الكريم المنان، أحمده سبحانه! وهو البر الرحيم عظيم الشأن. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أوضح فضل المؤمنين، وامتدح فعالهم في محكم القرآن. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى، وأظهر دينه على عموم الأديان. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فيا عباد الله؛ مثل الإيمان في قلب المؤمن، كمثل الشجرة الطيبة: تنبت أطيب الثمار. وإن العمل الصالح هو ثمرة الإيمان الذي انغرست جذوره في قلب المؤمن، يبلغ به أقصى درجات الفلاح. قال تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}[المؤمنون: ١] . ثم فسر إيمانهم بجليل ما يعملون، وعظيم ما يسكبون؛ مما تتحقق لهم به الغاية التي إليها يسعون وفيها يؤملون؛ قال تعالى:{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}[المؤمنون: ٢ - ٩] .
فذكر سبحانه في طليعة أعمالهم الصالحة، خشوعهم في الصلاة. قال الحسن البصري رحمه الله:"كان خشوعهم في قلوبهم، فغضوا لذلك أبصارهم". وقال غيره:"هو أن لا يعبث المرء بشيء من جسده في الصلاة".