ومن هذا الوجه، قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد رأى رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة:«لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه» . وكان فيهم من لو قطعت أوصاله وهو في الصلاة، لما وجد منه حراك. كل ذلك من خشوع القلب، والتلذذ بمناجاة الرب جل وعلا، والشعور بعظمته.
ثم ذكر سبحانه، من صفات المؤمنين المفلحين، إعراضهم عن اللغو، وهو الباطل في مختلف ألوانه، يصل إلى درجة الشرك بالله، وينخفض إلى إتيان كل قول أو فعل لا فائدة فيه، أو على الإنسان منه نقص في دينه. يدخل في ذلك اللعن والشتائم القذرة، ويدخل فيه اللهو في كل صوره وأشكاله.
وذكر سبحانه، من صفات المؤمنين، قيامهم بإخراج زكاة أموالهم، كيفما كانت الأموال ذهبًا أو فضة، عروض تجارة أو سائمة من الأنعام، أو ما يخرج من الأرض من حبوب وثمار. فالزكاة حق المال، وفريضة لا فضل في إخراجها لصاحب المال؛ وهي طهرة ونماء للمال، وخير وبركة لصاحبه، وصلاح وفلاح لمجتمعه.
وذكر سبحانه، من صفات المؤمنين، عفتهم عن الحرام، وحفظ فروجهم عن الوقوع في جريمة الزنا أخطر مرض اجتماعي منيت به الإنسانية؛ فهو إلى جانب جريمته على الأنساب، يفتك بالبشرية فتكًا ذريعًا: حيث يفشو فيها الزهري والسيلان، ومضاعفاتهما المهلكة. وكفى بالمرء زاجرًا عنه، قول العليم الخبير:{وَلَا تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}[الإسراء: ٣٢] . وقوله:{فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}[المؤمنون: ٧] ؛ أي: من تطلع إلى غير ما أحله الله له، من الزوجات والإماء من ملك اليمين -كأن تورط في الزنا- فقد اعتدى وتجاوز الحلال إلى الحرام.