من التجأ إلى حماك وجودك والذليل من لم تؤيده بعنايتك والشقي من رضي بالإعراض عن طاعتك اللهم نزه قلوبنا عن التعلق بمن دونك واجعلنا من قوم تحبهم ويحبونك واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[١١- موعظة]
عباد الله لقد كان سلفنا في محبة بعضهم بعضًا آية من الآيات وكان التراحم بينهم بالغًا مبلغًا يعده أهل الأنصاف غاية الغايات لذلك كانوا في محبة الخير لبعضهم على أرقى ما يتصور في الدرجات.
وهل يتصور أن يكون أحدهم في أشد الجوع ويؤثر أخاه بماله من طعام عاملين بقوله تعالى:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: ٩] . وقوله {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً}[الإنسان: ٨] . وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» .
وإن الخجل ليعلو وجوهنا إذا نحن قارنا بين هؤلاء وبين أبناء هذا الزمان، نحن في حالة تصور حقيقتها فقط يثير في قلوب المؤمنين الأحزان.
كيف ونحن إذا فتشنا ثم فتشنا لا نجد قلبين مع بعضهما معية الإخاء التام يكون الجار في نهاية الفقر ولا يلتفت إليه جاره المثري وينزل بالأخ الشقيق أو العم الشقيق أو نحوهما ما ينزل من الكوارث ولا أثر لنزولها عند أخيه ولا كأنه يرى تلك المصائب الفادحة ولعلك منتظر الجواب ما هو السبب في ذلك فألق سمعك وأحضر قلبك.
فأقول لكل الناس اليوم شغل واحد هو المال شغلهم عما عداه وأنساهم