للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كل ما سواه ملأ القلوب حب هذا المال حتى لم يبق في القلوب متسع لسواه فمن أجله تستباح الأعراض ومن أجله تراق الدماء ومن أجله يكون الصفا والمعاداة هو القطب الذي تدور حوله أفعال العباد في هذا الزمان.

فالقلوب في سرور ما دام المال سالمًا وإن أنهار بناء الشرف والدين والنفوس في هدوء وطمأنينة ما ابتعد عن المال فإذا قرب حوله هاجوا هيجان الجمال وهم في تواصل ما لم يتعرض للمال فإذا تعرض له انقطعت الصلات حتى بين الأقربين من آباء وأمهات وأولاد وإخوان.

وهذا من ثمرات البخل قال بعضهم البخيل يستعجل الفقر الذي هرب منه ويفوته الغنى الذي يطلبه فيعيش في الدنيا عيش الفقراء ويحاسب حساب الأغنياء فالبخيل هو الوحيد الذي يستبشر ورثته بمرضه وموته وتجده ليله ونهاره مستغرق في جمع المال لا يفتر خوفًا من الفقر وهذا هو الفقر كما قيل:

ومَنْ يُنْفِقِ السَاعَاتِ فِي جَمْعِ مَالِهِ ... مَخَافةَ فَقْرٍ فالذي فَعَلَ الفَقْرُ

آخر:

يُفْنِي البَخِيْل بِجَمْعِ المَالِ مُدَّتَهُ ... وِلِلْحَوادِثِ وَالوُرَّاثِ مَا يَدَعُ

كَدُوْدَةِ القَزِّ مَا تَبْنِِيْهِ يَهْدِمُهَا ... وَغَيْرُهَا بِالذي تَبْنِيْهِ يَنْتَفِعُ

آخر:

وذِيْ حِرْصٍ تَرَاهُ يُلِمُّ وَفْرًا ... لِوَارِثِهِ وَيَدْفَعُ عَن حِمَاُه

كَكَلْبِ الصَّيْدِ يُمْسِكُ وهْوَ طَاوٍ ... فَرِيسَتَهُ لِيَأكُلَهَا سِوَاهُ

أما علم هؤلاء أن المال الذي كان بأيدينا كان قبلنا بيد إخواننا في الإنسانية الذين سبقونا إلى الدنيا ثم انتقل إلى من بعدهم ثم انتقل من جيل إلى جيل إلى أن وصل إلينا سعد به من صرفه في مراضي الله وشقي به من صرفه

<<  <  ج: ص:  >  >>