وشكرك وارزقنا حُب أوليائك وبُغض أعدائك وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار واغفر لنا ولوالدينا وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على مُحمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
[٦٩- موعظة]
عباد الله إن من أعجب العجب أن يعصي الرجل مولاه وإنما كان ذلك عجباً لأن المؤمن يتيقن يقيناً لا شك فيه أن مولاه جل وعلا يراه، ويعلم سره ونجواه، ومعلوم أن الإنسان يستحيي أن يفعل ما يُغضب أخاه وهو يراه، مع أنه لا يملك له ضراً ولا نفعاً في هذه الدار، ولا في دار القرار، وإذا كان هذا حاله مع هذا المخلوق فعجيبٌ جداً أن لا يكون أشد احتراماً وحياءً مع فاطر الأرض والسموات، مع أنه تعالى هو الذي أوجد الجميع من العدم وهو الذي يحفظ عليك الحياة وهو الذي أسبغ عليك النعم ظاهرةً وباطنة، وأدام ذلك عليك ووالاه، ولو شاء لسلبك كل نعمة، وأحل بك كل نقمة، وجعلك في هذا الوجود عبرة لأولى الأبصار، أضف إلى ذلك أنه تعالى هو الذي يُميتك، ويُعاملك في قبرك بما يناسب ما لك من أعمال، وهو الذي يبعثك بعد موتك، ويسوقك إلى ذلك الموقف الذي هوله يُشيب الأطفال، وهو الذي يُحاسبك على ما كان منك في حياتك الأولى من الأفعال، وهو الذي يأمر بك إما إلى الجنة وإما إلى النار، نعم إنه من أعجب العجب أن يُجاهر المؤمن ربه بالمعصية، وهو يعلم أنه مالك دنياه وأُخراه، إن البرهان الذي لا مغمز فيه على أنك تستحيي من ربك أيها المؤمن، أن تكون بعيداً كل البعد دائماً عن معاصي الله، فتحبس لسانك عن القذف والكذب والنميمة والغيبة، والخلف في الوعد، وعن المراء والجدال والاستهزاء، والسخرية بالناس، واللعن