الحمد لله غافر الذنوب وقابل التوب، شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا الله إليه المصير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله البشير النذير صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أولي الجد في العبادة والتشمير.
عباد الله، إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل فمن كان منكم أحسن فعليه بالتمام، ومن كان منكم فرط فيه فليختمه بالحسنى، فالعمل بالختام، وبادروا رحمكم الله أوقات شهركم الباقية، واستدركوا ما مضى منه بالحسرة والندم، واختموه بالتوبة النصوح والرجوع إلى صالح العمل.
عباد الله، كم أناس صلوا في هذا الشهر صلاة التراويح وأوقدوا في المساجد طلبًا للأجر المصابيح، ونسخوا بإحسانهم كل فعل قبيح، وقبل التمام سكنوا الضريح، ولم ينفعهم المال والآمال لما نقلوا، رحلوا عن الدنيا قدمًا قدمًا ونقص ما بنوه هدمًا هدمًا، أدارت عليهم المنون رحاها وأحلت وجوههم في الثرى فمحاها.
وهذا حالك عن قريب فتيقظ يا قليل الزاد، وحادي رحيله قد حدى تأهب للتلف وتهيأ للردى، ذهب عنك شهر الصيام وودعك، وسارت فيه قوافل الصالحين، وجهلك منعك والتوبيخ متوفر، فما أرجعك ولا أزعجك وأنت تؤمل منازل العاملين بأفعال الغافلين فما أطعمك.
يا من أصبح ساعيًا إلى ما يضره ستعلم من يأتي غدًا حزينًا متندمًا، كم من صائم يفضحه الحساب والعرض، وكم من عاص في هذا الشهر تستغيث منه الأرض، فيا ليت شعري من المقبول منا فنهنيه على توفيق الله له بحسن