أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولجميع المسلمين، إنه هو الغفور الرحيم، فاستغفروه.
[١٦٢- (خطبة)]
الحمد لله الذي أحاط بحوادث الدنيا والآخرة خبرًا، وجعل لكل شيء قدرًا، وأسبل على الخلائق رعايته سترًا.
أحمده على نعمائه شكرًا، وأسلم لقضائه صبرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أعدها ليوم القيامة ذخرًا، وأستمدها على الأعداء نصرًا، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، أرسله إلى البرية عذرًا ونذرًا، فدعا إلى الله سرًا وجهرًا، ونشر رحمته على العالمين نشرًا، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وأدم لهم أجرًا.
أما بعد فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله، فإن تقواه عروة ما لها انفصام، وقدوة يأتم بها الكرام، وجذوة تضيء بها الأفهام، من تعلق بها حمته محذور العاقبة، ومن تحقق بحملها وقته شرور كل نائبة، وأحذركم دار فرقة ما لها أسلاف وقرار حرقة ما لها انصراف، وأماني رجعة ما لها إسعاف. فانهضوا عباد الله في استعمال ما يقربكم من دار القرار، وارفضوا من الأعمال ما يدنيكم لدار البوار، فإنها المصيبة الجامعة، والعقوبة الواقعة. يا لها دارًا انقطع من الرجال رجاء حلالها، وامتنع من الفناء بقاء نكالها، وشعار أهلها الويل الطويل، ودثارهم البكاء والعويل، وسرابيلهم الخزي الوبيل، ومقيلهم الهاوية وبئس المقيل، يقطع منهم الحميم أمعاء، طالما