ولعت بأكل الحرام، وتضعضع منهم الجحيم أعضاء طالما أسرعت إلى اكتساب الآثام قد أنهلت عليهم الأنات، وحلت بهم المثلات. فجلودهم محددة بالعذاب، ووجوههم مسودة لسوء الحساب، والزبانية يدخلون عليهم من كل باب، ويقولون: لا مرحبًا بكم إن لكم لشر مآب، ينادون إلها غرهم في العاجلة حلمه فخالفوه، وحق عليهم في الآجلة حكمه لما آسفوه، يقولون:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ}[المؤمنون: ١٠٧] . {وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[الأنعام:: ٢٨] . فيجيبهم بعد حين إجابة دعوة ذي قوة متين {اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}[المؤمنون: ١٠٨] . فحينئذ ينقطع عندها والله تأميل المذنبين، ويجتمع التنكيل على المكذبين، ويرتفع في النار عويل المعذبين، فإن يصبروا فالنار مثوى لهم، وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين.
أبعدني الله وإياكم عن دار غضبه، وأسعدني وإياكم بإتيان ما أمر به. إن أحلى ما أنضت لترديده، وأولى ما أخذ بوعده ووعيده كلام مبديء الخلق ومعيده، والله يقول، وقوله الحق المبين:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[النحل: ٩٨] . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}[الجاثية: ٢١] . {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}[الجاثية: ٢٢] .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم منه بالآيات والذكر الحكيم، وثبتني وإياكم على الصراط المستقيم.