القبر ما الذي غرك في الدنيا هل تظن أنك تبقى أو تبقى لك أين دارك الفيحاء ونهرك المطرد وأين ثمرتك الحاضر ينعُها وأين رقاق ثيابك وأين كسوتك لصيفك وشتائك هيهات هيهات يا مُغمض الوالد والأخ وغاسله وحامله يا مُدلِّيهِ في قبره وراحل عنه، ليت شعري كيف نمت على خُشُونةِ الثرى، وبأيِّ خديك بدأ البلى، يا مُجاور الهلكى صرت في مَحَلَّةِ الموت، ليت شعري ما الذي يلقاني به ملك الموت عند خروج روحي من الدنيا.
اللهم ثبتنا على قولك الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، اللهم وأيدنا بنصرك وارزقنا من فضلك ونجنا من عذابك يوم تبعث عبادك واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على مُحمدٍ وآله وسلم.
[٦١- موعظة]
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله فالزموها، وأحُثُّكم على الأعمال الصالحة فاغتنموها، إن الزمان يَطوي بكم مسافة الأعمار لا شك وأنتم راحلون عن هذه الدار فيا معشر الشيوخ ماذا تنتظرون بعد المشيب وهل بعده إلا الموت فإن الموت قريب إنه ليس إلى البقاء من سبيل فماذا تزودتم للرحيل ويا معشر الشباب أنفقتم غرر الأعمار عند المذياع والكرة ونحو ذلك مما يصدُّكُم عن ذكر الله وعن الصلاة ويا معشر التجار لقد ضاعت أعماركم في "ألو" و"كم ربح فلان" و"كم بيع البيت الفلاني والأرض الفلانية" وخذ هذه الجريدة وأعطني الأخرى ألا صرفتم بعض الوقت إلى المسابقة إلى غرف الجنة وأراضيها وأنفقتم بعض ما وهبكم الله من المكاسب إلى ما يُرضي الله من تفقد الفقراء الذين ليس لهم موارد لا قليلة ولا كثيرة ممن يستعينون بها على