أيها العاقلون كلكم تعلمون أن الغفلة تُنسي العبد ربه وآخرته، ومن نسي ربه أنساه الله نفسه، قال تعالى:{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} ، فلا تتعرضوا بذلك لسخطه وكونوا دائماً ذاكرين للآخرة، فإن ذلك يبعث على الخوف من الله، ومن خاف ربه استقام بإذن الله، قال الله تعالى:{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} ، والله أعلم وصلى الله على مُحمدٍ وآله.
[٦٨- موعظة]
رُوي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل ويؤخر التوبة لطول الأمل ويقول في الدنيا بقول الزاهدين ويعمل فيها عمل الراغبين إن أُعطي من الدنيا لم يشبع وإن مُنع منها لم يقنع ويأمر الناس بما لا يأتيه يُحب الصالحين ولا يعمل أعمالهم ويُبغض المُسيئين وهو منهم يكره الموت لكثرة ذنوبه ويُقيم على ما يكره له الموت إن سقم ظل نادماً وإن صح أمِنَ لاهياً يَعجَبُ من نفسه إذا عوفي ويقنط إذا تغلبه نفسه على ما يظن ولا يغلبها على ما يستقين ولا يثق من الرزق بما ضُمِنَ له ولا يعمل من العمل بما فُرض عليه إن استغنى بَطِرَ وإن افتقر قَنِطَ وحَزنَ فهو من الذنب في حال النعمة والمحنة موقرٌ، يطلب الزيادة ولا يشكر ويتكلف من الناس مالا يؤمر ويضيع الموت ولا يُبادر الفوت يستكبر من معصية غيره ما يسهل أكثره من نفسه. مزاهر اللهو مع الأغنياء أحبُّ إليه من الذكر مع الفقراء يحكم على غيره لنفسه ولا يحكم عليها.
اللهم نور قلوبنا بنور الإيمان وثبت محبتك فيها وقوها وألهمنا ذكرك