ومحروم؛ دهمته صروف الليالي، أو ارتحل عن الدنيا، فذهب تقديره هباءً، وأضحت ثروته أثرًا بعد عين، وصارت حسابًا ووبالاً عليه. وكم من مقل تجرع البؤس ألوانًا، أبدله الله بعد البؤس رخاء، وبعد الفقر نعمة وثراء. {وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[العنكبوت: ٦٠] .
الظاهرة الأخرى: تشاؤم ببعض الأيام والشهور: كيوم الأربعاء، وشهر صفر. وتطير ببعض الطيور كالغربان والبوم؛ وبغير ذلك مما لا تحصره الأمثلة. وهو ما يزعزع الثقة بالله، وتنصرف به القلوب عن الله. هو –يا عباد الله- خرافة لا يقرها عقل ولا دين، وهي مما يغضب رب العالمين. وليس التشاؤم بالذي يغير من القدر المكتوب شيئًا. قال الله تعالى:{وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَاّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ}[الأنعام:: ١٧] . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر» . وأرشد - صلى الله عليه وسلم - إلى علاج يجتث جذور التشاؤم، ويوجه، القلوب إلى الله؛ وهو: أن يدعو من يجد في نفسه شيئًا من ذلك بقوله: «اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك» ؛ وبقوله:«اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يصرف السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك» .
فاتقوا الله عباد الله، وعلقوا القلوب والآمال بالله، وابتعدوا عن مزالق المادة والتفكير بوحيها؛ وحاربوا الخرافة والتضليل؛ واعتصموا بالله هو مولاكم، فنعم المولى، ونعم النصير. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ