للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وطهروا نفوسكم من الغل والحقد والحسد والبغضاء وكل خلق ذميم وأصلحوا أعمالكم فإنها معروضة على رب العزة الذي هو بكل شيء عليم.

واعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم فطالما أسبغ الله عليكم من النعم حلة بعد حلة وأوجدكم من العدم جملة بعد جملة وأمهلكم في الوجود مهلة بعد مهلة وكثيرًا ما قللكم الموت فكثركم بعد تلك القلة وكم أعزكم في كل موطن بعزته بعد ذلة وكم كشف عنكم همًا وغمًا وسقمًا وعلة وكم تفضل عليكم في السر والجهر من الإحسان ما لم تكونوا أهلاً له.

فما شكرتم من ذلك إلا اليسير ولا ذكرتم منه إلا أقلة ولا أحدثتم لكل ما أحدثه الله من النعم إلا غفلة بعد غفلة ولا قابلتم ما أمركم الله به من الاستقالة إلا زلة بعد زلة تستقلون الطاعات حتى كأن أمرها عليكم أثقل من الظلة وتستخفون الذنوب حتى إن أكبرها عندكم أهون من قرص نحلة.

تجاهرون الله بالمعاصي وهو معكم يعلم ضمير أحدكم وفعله والله لولا حلمه لخسف بنا ونزل علنيا من العذاب ما لا نطيق حمله ولكنه يمهل ولا يهمل والحذر من الأخذ بعد المهلة فكأني بكم وقد نزل بكم الحمام وصارت أولادكم تدعى بالأيتام وقد شاهدتم ذلك من غيركم وكأنكم في مسكرة أو نيام هل الأعمار في الاعتبار إلا أعوام وهل الأعوام إلا أيام. وهل الأيام إلا ساعات كالسفن ينادي لسان سيرها أهل الدنيا لا مقام لكم وهل الساعات إلا أنفاس تحصيها الحفظة بأمر الملك العلام.

فمن كان هذا أصله كيف لا يسرع بالمتاب ومن كان هذا أساسه فكيف يفرح بدار عمرها في الحقيقة خراب فرحم الله عبدًا أقبل على الباقي

<<  <  ج: ص:  >  >>