خيارها، وخيار أهل الإسلام أقواهم إيمانًا، وأرضاهم لله، وأبعدهم عن الخيانة والغش والمحاباة، وأن شقاءها واضطرابها وفقدان الثقة بها مقرون بإسناد أمورها، وتحميل أعبائها إلى من لا يصلح لحملها، ولا غرو فإعطاء المناصب الهامة لأمناء أكفاء، ذوي غيرة للحق، وحماية للعقائد، وإخلاص للأمة، يؤمن الناس على دمائهم وأموالهم، ومحارمهم وأعراضهم وجميع شئونهم، ويجعل صاحب الحق يطمع في عدل بلاده، وذا الكفاءة يخلص في عمله، وذا الشر ينقبع في مكمنه.
وإن تولية من لم يراقب الله، ولم يعهد منه غيرة ظاهرة للعقيدة السلفية، والأخلاق الفاضلة، أو من علم فيه ضُعف أو خور أو خيانة أو غش أو محاباة، أو عدم اهتمام واكتراث بما أنيط به من عمل على ثغر من ثغور أهل الإسلام، ولا سيما ما له صلة بالعقيدة كالتعليم، أو بصلب الحكم كالقضاء ونحوه.
إنما ذلكم غش للأمة، وخيانة لهان وإجرام في حقها، وسعي في إضاعة مصالحها، بل وغرس للأحقاد والضغائن والبغض في نفوس مفكريها، وذوي الغيرة لها، إن لم تكن الطامة الكبرى وهي القضاء على مقوماتها الروحية، ومثلها العليا؛ عياذًا لأمة الإسلام -بالله- من ذلك.
فاتقوا الله، عباد الله، ليتقوا الله من ائتمنهم الله على شيء من ثُغور المسلمين، فإنهم بولايتهم، صغار الولاة أو كبار، إن صلحوا ووفوا واستعملوا في مهام الأمور الأقوياء الأمناء، عزت البلاد واستقام أمرها، وعظم سلطان ولاتها على النفوس، ومشي الناس من ورائهم سعيًا إلى الخير، إذ أن صلاح الوالي من أقوى العوامل في صلاح من تحته؛ فتأثير الرؤساء على المرؤوسين له