للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الآخرة كشيء نزلتموه فوالله لتنزلنها.

وهي دار الناس كلهم ليس من الناس أحد يخرج لسفر إلا أخذ له أهبته، فمن أخذ لسفره الذي يصلحه اغتبط ومن خرج إلى سفر لم يأخذ له أهبته ندم، فإذا أضحى لم يجد ظلا، وإذا ظمئ لم يجد ماء يتروي به، وإنما سفر الدنيا منقطع وأكيس الناس من قام يتجهز لسفر لا ينقطع.

وقال آخر يوصي أخا له: اعلم أنك تلقى ما أسفلت ولا تلقى ما خلفت فمهد لنفسك فإنك لاتدري متى يفجؤك أمر ربك قال فأبكاني كلامه وهون علي الدنيا.

قيل للقمان الحكيم، ما بلغ بك ما نرى يريدون الفضل قال: صدق الحديث، وأداء الأمانة وترك ما لا يغني.

عن جابر الجعفي، قال: قال لي محمد بن علي بن الحسين: يا جابر إني لمحزون وإني لمشتغل القلب، قلت وما حزنك وما شغل قلبك؟ قال: يا جابر إنه من دخل قلبه صافي خالص دين الله شغله عما سواه يا جابر ما الدنيا ما عسى أن تكون هل هو إلا مركب ركبته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها.

يا جابر إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا لبقاء فيها، ولم يأمنوا قدوم الآخرة عليهم.

ولم يصمهم عن ذكر الله ما سمعوا بآذانهم من الفتنة، ولم يعمهم عن نور الله ما رأوا بأعينهم من الزينة، ففازوا بثواب الأبرار إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة وأكثرهم لك معونة، وإن نسيت ذكروك وإن ذكرت أعانوك قوالين بحق، قوامين بأمر الله، فأنزل الدنيا كمنزل نزلت به وارتحلت منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>