للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بابه ويدخل معه كوزا من ماء فلم أدرِ ما يصنع. حتى سمعت ابنا له صغيرا يحكي بكاءه فنهته أمه فقلت لها: ما هذا البكاء؟ فقالت: إن أبا الحسن يدخل هذا البيت فيقرأ القرآن ويبكي فيسمعه الصبي فيحيكه أي يقلده.

وكان إذا أراد أن يخرج غسل وجهه واكتحل لئلا يرى عليه أثر البكاء.

بلغ يا أخي الذين يذكرون أعمالهم للناس من حج وصدقة وصيام رياء وسمعة. وكان يصل قوما ويعطيهم ويكسوهم فيبعث إليهم ويقول للرسول: انظر أن لا يعملوا من بعثه إليهم ويأتيهم هو بالليل فيذهب به إليهم ويخفي نفسه.

ولا يعلمون من الذي أعطاهم ولا أعلم أنه وصل أحدا بأقل من مائة درهم إلا أن لا يمكنه ذلك.

ودخلت عليه قبل موته بأربعة أيام فقال: يا أبا عبد الله أبشر بما صنع الله بأخيك من الخير قد نزل بي الموت وقد من الله عليّ أنه ليس عندي درهم يحاسبني الله عليه.

وقد علم ضعفي فإني لا أطيق الحساب، فلم يدع عندي شيئا يحاسبني الله عليه ثم أغلق الباب ولا تأذن لأحد علي حتى أموت.

واعلم أني أخرج من الدنيا وليس أدع ميراثا غير كسائي، وإنائي الذي أتوضأ فيه وكتبي.

وكانت معه صرة فيها نحو ثلاثين درهما، فقال: هذا لابني أهداه إليه قريب له ولا أعلم شيئا أحل لي منه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "أنت ومالك لأبيك".

فكفنوني منها وابسطوا علي جنازتي لبدي وغطوا علي بكسائي وتصدقوا بإنائي أعطوه مسكينا يتوضأ منه ثم مات باليوم الرابع رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>