للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إِذَا صَانَ هَمَّاتِ الرِجال انْكسَارُهَا

وهَلْ رَابحٌ إِلا امْرُؤٌ مُتَوكِّلٌ ... قَنُوعٌ غَنِيُّ النِّفْسِ بَادٍ وَقَارُهَا

ويَلْقَى وُلاةُ المُلْكِ خَوفًا وَفكرةً ... تَضِيْقُ بها ذَرْعًا وَيَفْنَى اصْطِبَارُهَا

عِيانًا نَرَى هَذا ولَكِنْ سَكْرَةً ... أَحَاطَتْ بِنَا مَا إِن يُفيْقُ خُمَارُهَا

تَدَبَّرْ مَن البانِي عَلَى الأَرْضَ سَقْفَهَا ... وَفِي عِلْمِهِ مَعْمُورُهَا وَقفِارُهَا

ومَن يُمْسِكُ الأَجرامَ والأَرضَ أَمْرُهُ ... بِلا عَمَدٍ يُبْنَي عَلَيهِ قَرارُهَا

ومَن قدَّرَ التَّدبِيْرَ فِيهَا بحِكْمَةٍ ... فَصَحَّ لَدَيْهَا لَيْلُها ونَهارُهَا

ومنَ فَتقَ الأَمواهَ في صَفْحِ وَجْهِهَا ... فَمِنها يُغَذَّي حَبُها وثمِارُهَا

ومنَ صَيَّر الألوانَ في نَوْرِ نَبْتِها ... فأشرقَ فِيهَا وَرْدُهَا وَبَهَارُهَا

فَمِنْهنَّ مُخْضرٌّ يَرُوقُ بَصِيْصُهُ ... وَمِنْهنَّ مَا يَغْشَى اللِّحَاظَ احْمَرارُهَا

وَمَن حَفَرَ الأَنْهَارَ دُوْنَ تَكلُفِ ... فَثَارَ مِن الصُّمِّ الصِّلاب انْفِجَارُهَا

وَمَن رتَّبَ الشمسَ المنير ابْيِضَاضُهَا ... غُدوًّا وَيبْدُو بالعَشِيّ اصْفَرارُهَا

ومَن خَلقَ الأفلاكَ فامْتدَّ جَرْيُهَا ... وَأَحْكَمَهَا حتى اسْتَقَامَ مَدَارُهَا

تَذَكَّرْ عَلَى مَا قَدْ مَضَى واعْتِبَرْ بِهِ ... فإِنَّ المُذَكِّيْ لِلْعُقُولِ اعْتِبَارُهَا

تَحَامَى ذُراهَا كُلَّ بَاغٍ وَطَالِبٍ ... وَكَانَ ضَمَانًا في الأَعَادِي انْتِصَارُهَا

تَوَافَتْ بِبَطْنِ الأَرضِ وَانْشَتَّ شَمْلُهَا ... وَعَادَ إِلَى ذِي مُلكةِ مُسْتَعَارُهَا

وَكَمْ رَاقُدٍ في غَفَلَةٍ عَن مُنْيَّةٍ ... مُشَمَّرَةٍ في القَصْدِ وَهْوَ سِعَارُهَا

وَمَظْلَمَةٍ قَدْ نَالَهَا مُتَسِلِّطٌ ... مُدِلٌ بِأَيْدٍ عِنْدَ ذِي العَرشِ ثَارُهَا

أَرَاكَ إِذَا حَاوَلْتَ دُنْيَاكَ سَاعِيًا ... على أَنَّهَا بَادٍ إِليْكَ أَزْوُرَارُهَا

وَفي طَاعَةِ الرحمنِ يُقْعِدُكَ الوَنَى ... وتُبْدِيْ أَنَاةً لا يَصْحُّ اعْتِذَارُهَا

تُحَاذِرُ إِخْوَانًا سَتَفْنَى وَتَنْقَضِي ...

<<  <  ج: ص:  >  >>