للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأسكنا الجنة مع أوليائك الأبرار واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(فصل)

وللكبر آثار تظهر على الجوارح كلها تدور حول ذلك النظر، فترى المتكبر إن سمح بممشاه مع الناس يكون متقدمًا عليهم، حريصًا جدًا أن يكونوا كلهم خلفه، وتراه إن جلس معهم ورضي أن يكونوا جلساءه، محتفظًا بصدر المجلس مستقلاً به ويسره أن يصغوا إلى كلامه، ويؤلمه كلام غيره وتجده ينتظر من الناس أن يتلقوا كلامه بالقبول والتصديق.

الشاعر:

وَلَوْ كَانَ إِدْرَاَُ الهُدَى بِتَذَلُّلٍ ... رَأَيْتُ الهُدَى أَنْ لا أَمِيْلَ إِلى الهُدَى

ويظهر أيضًا أثر الكبر في مشيه وتبختره وقيامه وجلوسه وحركاته وسكناته وفي تعاطيه لأفعاله، وفي سائر تقلباته في أحواله وأقواله وأعماله.

وفي كتاب الخمول والتواضع لابن أبي الدنيا عن أبي بكر الهذلي قال: بينما نحن مع الحسن، إذ مر عليه ابن الأهتم يريد المنصور وعليه جباب خز، قد نضد بعضها فوق بعض على ساقه، وانفرج عنها قباؤه وهو يمشي ويتبختر، إذ نظر إليه الحسن نظرة فقال: أف أف، شامخ بأنفه ثاني عطفه، مصعر خده، ينظر في عطفيه أي حميق ينظر في عطفيه في نعم غير مشكورة ولا مذكورة، غير المأخوذ بأمر الله فيها، ولا المؤدي حق الله منها والله أن يمشي أحدهم طبيعته يتلجلج تلجلج المجنون في كل عضو منه نعمة وللشيطان بها لعنة، فسمعه ابن الأهتم، فرجع يعتذر إليه، فقال لا تعتذر إلي وتب إلى ربك، أما سمعت قول الله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>