للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

جهدكم في التغلب عليه، واعلموا أن الجزاء من جنس العمل، فالله يغفر من ذنوب العافين عن الناس، ويمجد الكاظمين الغيظ، ويتولاهم بالفضل والكرامة، ويزوجهم من حور الجنان ما يشاءون يوم القيامة، ويدعوهم يوم القيامة على رءوس الخلائق إلى تلك الكرامة، ليعلم فضلهم، ويشهد مجدهم القريب والبعيد. فإذا ما علمتم هذا فقارنوا بينه وبين ما يعامل الله به المشاحن الحقود الحسود، الذي أجاب داعي الشيطان، وأعرض عن نصيحة ربه الذي خلقه ورزقه، ويسر له أموره، وأصر على ما هو عليه من التقاطع والشحناء والصدود، وسترون أنه بعناده وإبائه واستكباره قد خسر الدنيا والآخرة عرض نفسه في الدنيا لنقم الله المتعاقبة، وأبقى لها بعد الموت جهنم يلقى فيها العذاب الأليم، وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن المتهاجرين المتشاحنين يُعرض الله عنهما، وإذا أفاض على خلقه رحمته كان الحرمان نصيبهما، ولا يزالان هكذا. حتى يزيلا ما بينهما من الخصام، ويعودا إلى ما كانا عليه من قبل من الصفاء والوئام، والله سبحانه وتعالى عفو غفور: تفهموا يا إخواني جيدًا، واقرعوا قلوبكم بما سمعتم من الزواجر والعظات، واعلموا أن أقرب المتصافيين إلى الله أسبقهما إلى الصفح، وتناسي ما فات، وأعظمهما أجرًا من بدأ بالسعي إلى إزالة الأضغان والأحقاد، فإن استجاب خصمه للصلح، ولم يتأخر، فبها ونعمت، واستحق نصيبه من الأجر والثواب، وإن أبى وامتنع فقد احتمل الإثم والعقاب فاتقوا الله عباد الله، واعملوا بهذه النصيحة، وسارعوا بالاعتذار إلى ربكم، واستجيبوا إلى داعي الهدى والرشاد، وأصلحوا ذات بينكم، وهلموا سراعًا إلى مصافاة من خاصمتم من إخوانكم، وبذلك تصونون بيوتكم من الخراب، وتحفظون أموالكم من التلاشي والذهاب، وترجون رضا ربكم وعفوه يوم البعث والحساب، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>