للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

منهما، ومن تقابل؛ إذ لا يمكنك الوقوف بين الجيشين، فأنت مع أحدهما لا محالة.

فقسم استغشوا الهوى فخالفوه، واستنصحوا العقل فشاوروه. وفرغوا قلوبهم للفكر فيما خلقوا له وجوارحهم للعمل بما أمروا به، وأوقاتهم لعمارتها بما يعمر منازلهم في الآخرة.

واستظهروا على سرعة الأجل بالمبادرة إلى الأعمال وسكنوا الدنيا وقلوبهم مسافرة عنها.

واستوطنوا الآخرة قبل انتقالهم إليها، واهتموا بالله وطاعته على قدر حاجتهم إليه، وتزودوا للآخرة على قدر مقامهم فيها.

فجعل لهم سبحانه من نعيم الجنة وروحها، أن آنسهم بنفسه، وأقبل بقلوبهم إليه، وجمعها على محبته، وشوقهم إلى لقائه، ونعمهم بقربه.

وفرغ قلوبهم مما ملأ به قلوب غيرهم من محبة الدنيا والهم والحزن على فوتها، والغم من خوف ذهابها.

فاستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدانهم، والملأ الأعلى بأرواحهم.

فائدة: وقال رحمه الله إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمل الله سبحانه حوائجه كلها وحمل عنه كل ما أهمه وفرغ قلبه لمحبته ولسانه لذكره وجوارحه لطاعته.

وإن أصبح وأمسى والدنيا همه حمله الله همومها وغمومها وأنكادها ووكله إلى نفسه.

فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق ولسانه عن ذكره بذكرهم وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>