للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر ثم قبض -رحمه الله-.

ولما حضرت أبا الدرداء الوفاة جعل يجود بنفسه ويقول ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه ثم قبض -رحمه الله-.

ثم أعلم: أن الألم المصيب للبدن إنما يدرك بواسطة الروح، وإذا وصل الألم إلى نفس الروح فلا تسأل عن كربه وألمه حتى قالوا إنه أشد من ضرب بالسيوف ونشر بالمناشير وقرض بالمقاريض.

والسبب في أنه لا يقدر على الصياح مع شدة الألم لزيادة الوجع والكرب حتى قهر كل قوة وضعف كل جارحة فلم يبق له قوة الاستغاثة والاستعانة.

أما العقل فقد غشيه وشوشه وأما اللسان فقد أبكمه وأما الأطراف فقد خدرها وضعفها فإن بقيت فيه قوة سمعت له خوارًا وغرغرة من صدره وحلقه حتى يبلغ بها إلى الحلقوم.

فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها وتغلق أبواب التوبة قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» رواه الترمذي وقال حديث حسن.

فالموفق من يكون الموت نصب عينيه لا يغفل عنه ساعة فيستعد للموت.

ويفتش على نفسه ويتفقدها من قبل الصلوات ومن قبل حقوق الله وحقوق خلقه هل أقام الصلاة على الوجه الأكمل؟ هل أدى الزكاة كاملة مكملة؟ هل أبرأ ذمته من حقوق الآدميين؟.

هل أدى الأمانات إلى أهلها؟ هل نفد ما عنده من وصايا ووكالات؟

<<  <  ج: ص:  >  >>