نُسفت وبُست وراءها ذرات في الهواء: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} ، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا} ، {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} .
هذه تُصرح وتشير إلى حدثٍ عظيم تتزلزل منه الجبال وتذهب هباءً يتلاشى ثباتها ورُسُوخها واستقرارها وتماسكها والإنسان ينظر ولا يكاد يلتقط أنفاسه: {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} .
هنا يُشاهد ويُواجه الحشر والحساب والوزن والجزاء ويقف جبريل عليه السلام والملائكة صفاً بين يدي الرحمن: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} ، {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} ، {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ} ، {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} .
وموقف هؤلاء المُقربين صامتين خاشعين خاضعين لعظمة الله: {وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا} ، {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} .
موقفهم هكذا صامتين لا يتكلمون إلا بإذنٍ من الرحمن يُلقي في النفس الرهبة والرُعب والفزع من ذلك اليوم العظيم الذي ينكشف فيه كل مستور ويعلم فيه كل مجهول.
وتقف فيه النفس أمام ما أحضرت من الرصيد والزاد في موقف الفصل والحساب: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} ، {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} ، {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} ، {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute