للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} .

فلا مجال لهرب أحد ولا نسيان لأحد فعين الله على كل فرد وكل فرد يقوم وحيداً لا يأنس بأحد فإذا هو فريد وحيد أمام الديان: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا} ، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيه} .

مشهد المرء يفر وينسلخ ويهرب من أقرب الناس إليه وألصقهم به أولئك الذين تربطهم به وشائج وروابط لا تنفصم ولكن الصاخة والطامة تُمزق هذه الروابط وتُقطَّع الوشائج والصلات: {فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} .

فالهول يُفزع النفس ويُقلقها ويفصلها من محيطها ويستبد بها استبداداً فلكلٍّ نفسه وشأنه ولديه الكفاية من الهم الخاص به الذي لا يدع له فضلة من وعي أو جهد: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيه} ، {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} .

فها هي ذي الساعة التي يغفل عنها الغافلون ويلهوا عنها اللاهون ويستعجل بها المستعجلون: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ} ، {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ} ، {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ * فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ} .

وهؤلاء المجرمون حائرين يائسين لا أمل في النجاة ولا رجاء ولا خلاص بل قد أيقنوا في العطب: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>