للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكبريائه ليهابوه، ويخافوه خوف إجلال، ووصف لهم شدة عذابه، ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه، ليتقوه بصالح الأعمال، ولهذا كرر سبحانه وتعالى في كتابه ذكر النار وما أعده فيها لأعدائه من العذاب والنكال والأغلال، وما احتوت عليه من الضريع والزقوم والحميم والسلاسل والغساق والغسلين، وغير ذلك مما فيها من الأهوال والفظائع والعظائم، ودعا عباده بذلك إلى خشيته وتقواه، والمسارعة إلى امتثال ما يأمر به ويحبه ويرضاه، واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه ويأباه، وأخبر جل وعلا بأن الخلق واردوها قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} ، فأنت من الورود على يقين، ومن النجاة في شك، فيا أيها الغافل الساهي عن نفسه، المغرور بما هو فيه من الاشتغال بعمائره وأراضيه وسياراته، وشركاته ومقاولاته وزوجاته وأولاده، وكل ما يُلهيه عن ذكر الله وطاعته، والالتفات إلى دار القرار، دع التفكر وقتل الوقت فيما أنت مُرتحل عنه، وجادٌ في السير عنه، واصرف فكرك فيما أمامك فاستشعر في قلبك هول ذلك المورد، لعلك تستعد للنجاة منه وتأمل في حال الخلق وقد خرجوا من قبورهم حفاة عراة غُرلاً: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} ، تفكر في ازدحام الخلائق وقد صهرتهم الشمس، إلا من أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، واشتد الكرب والغم من الوهج، وتدافعت الخلائق لشدة الزحام، واختلاف الأقدام، وانضاف إلى ذلك شدة الخجل والحياء، والخوف من الفضائح والاختزاء عند العرض على الجبار، وقُرب الشمس من الخلق فيبلغ عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً، كما في حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً» .

<<  <  ج: ص:  >  >>