للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نَصَحْتُكَ فَاسْتَمَعْ قَوْلِي وَنُصْحِي ... فَمِثْلُكَ قَدْ يُدَلُّ عَلَى الصَّوابِ

خُلِقْنَا لِلْمَاتِ وَلَو تُرِكْنَا ... لَضَاقَ بِنَا الفِسْيحُ مِن الرِّحَابِ

يُنَادى فِي صَبِيْحَةِ كل يَوم ... لِدُوْا لِلمَوْتِ وَابْنُوا لِلْخَرَابِ

ثم تصور كيف يكون شعورك إن ثبتك الله جل وعلا ونظرت إلى ما أعد الله لك وقولهما لك هذا منزلك ومصيرك فتصور فرحك وسرورك بما تعاينه من النعيم وبهجة الملك وإيقانك بالسلامة مما يسوؤك.

وإن كانت الأخرى فتصور ضد ذلك من إنتهارك ومعاينتك جهنم وقولهما لك هذا منزلك ومصيرك فيا لها من حسرة ويا لها من ندامة ويا لها من عثرة لا تقال.

ثم بعد ذلك الفناء والبلاء حتى تنقطع الأوصال وتتفتت العظام ويبلى جسدك ويستمر حزنك فيا حسرة روحك وغمومها وهمومها.

حتى إذا تكاملت عدة الأموات وقد بقي الجبار الأعلى منفردًا بعظمته وجلاله وكبريائه ثم لم يفجاك إلا نداء المنادي للخلائق للعرض على الله جل وعلا.

قال تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} [ق: ٤٢] يأمر الله ملكًا أن ينادي على صخرة بيت المقدس أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.

فتصور وقوع الصوت في سمعك ودعائك إلى العرض على مالك الملك فيطير فؤادك ويشيب رأسك للنداء لأنها صيحة واحدة للعرض على الرب جل وعلا قال تعالى: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: ١٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>