للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهمه الذكر يبيت حذرًا ويصبح فرحًا، حذرًا لما حذر من الغفلة، وفرحًا بما أصاب من الفضل والرحمة، إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره، لم يعطها سؤلها فيما تحب.

قرة عينه فيما لا يزول، وزهادته فيما لا يبقى، يمزج الحلم بالعلم، والقول بالعمل، تراه قريبًا أمله، قليلاً زلله، خاشعًا قلبه، قانعة نفسه، منزورًا أكله سهلاً أمره، حريزًا دينه، ميتة شهوته مكظومًا غيظه، الخير منه مأمول، والشر منه مأمون.

إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين وإن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين يعفو عمن ظلمه ويعطي من حرمه ويصل من قطعه، بعيدًا فحشه، لينًا قوله، غائبًا منكره، حاضرًا معروفه، مقبلاً خيره، مدبرًا شره، في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور وفي الرخاء شكور.

لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه، لا يضيع ما استحفظ، ولا ينسى ما ذكر، ولا ينابز بالألقاب، ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصاب، ولا يدخل في الباطل، ولا يخرج من الحق.

إن صمت لم يغمه صمته، وإن ضحك لم يعل صوته، وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو الذي ينتقم له، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من نفسه.

بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده بكبر وعظمة، ولا دنوه بمكر وخديعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>