للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلا لله وحده. والابتلاء سنة ملازمة للحياة الدنيا فقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يفتن عباده بما به يتميز الخبيث من الطيب كما قال سبحانه: {مَّا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: ١٧٩] . والفتن أنواع متعددة فقد يفتن المؤمن بالخير والشر وبالغنى والفقر وقد يفتن بأنواع أخرى كثيرة غير هذه وتلك ليعرف أشاكر أم كافر أصادق أم كاذب أصابر أم قانط {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: ١٤] . {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً} [الفرقان: ٢٠] .

وإن من أعظم الفتن وأقواها على النفوس المؤمنة فتنة المال، وكان يقال من العصمة أن لا تجد. وفتنة السراء أعظم من فتنة الضراء {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التغابن: ١٥] .

وعن كعب بن عياظ رضي الله عنه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال» . رواه الترمذي. وصدق رسول الله فكم من أناس يصبرون على الشدائد والفقر والحرمان فلا تتهاوى نفوسهم في الأوحال ولا تذل. ولكن قليلون هم الذين يصبرون على الثراء والمنصب والوجدان وما يغريان به من لذة ومتاع وما يثيرانه من شهوة وأطماع. وهذه عادة الإنسان في عمومه إلا من عصمه الله بالإيمان، لا يشكر الله تعالى لجهله وظلمه. وإذا رأى نفسه غنيًا طغى وبغى وتجبر على الهدى ونسى أن إلى ربه الرجعى. قال الله عز وجل: {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: ٧] .

والمال إما نعمة يسبغها الله على من يشاء من عباده حين يوفقه إلى طاعته والشكر على نعمته والإصلاح بها في الأرض والتوجه بها إلى الله على

<<  <  ج: ص:  >  >>