للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والوعيد، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وانظروا في مخلوقات ربكم بعين الاعتبار، وتفكروا في أسمائه وصفاته يا أولي الأفكار، فهو العظيم الذي خضعت لعظمته الرقاب، والحكيم الذي حار في حكمته أولو الألباب. والرحيم الذي يرحم من عباده الرحماء، والكريم الذي يستمد من إفضاله الكرماء، تقدست أسماؤه وصفاته عن الأشباه، وجلت محامده، وتمت كلماته التي لا يحيط بها سواه، وتذكروا بره كيف بدأكم بالنعم قبل الاستحقاق، ومنحكم ما لا يحصى من أنواع الأرزاق.

وكم كشف ضرًا وستر عاصيًا، وقد بارزه بأنواع الفساد، ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد، فاستعدوا للقاء هذا الرب الجليل، وأعدوا للقدوم عليه من صالح العمل كل جميل، وفكروا في أنفسكم، وما اشتملت عليه من العيوب، وحاسبوها على ما اكتسبته من الذنوب، فأي نفس منكم لم تحمل ظلمًا، وأي جارحة من جوارحكم لم تقترف إثمًا؟ وأي عمل من أعمالكم يليق بذلك المقام؟ وأي وقت من أوقاتكم تمحض للطاعة وخلا عن الآثام؟ لقد جنيتم على أنفسكم بالذنوب جناية عظمى، وهضمتم بالمعاصي قدرها عند الله هضمًا، فلينوا قلوبكم بذكر الموت عساها أن تلين، وعظوها بذكر القبر وفتنته فإنهما لحق اليقين، وذكروها يوم القيامة يقوم الناس لرب العالمين، يوم ينظر المرء ما قدمت يداه، يوم لا تملك نفس لنفس شيئًا، والأمر يومئذ لله.

جعلني الله وإياكم من الفائزين بثوابه، الآمنين من غضبه وعقابه، ألا وإن أفضل الكلام كلام الملك الديان، والله يقول، وقوله الحق المبين: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨] . أعوذ بالله

<<  <  ج: ص:  >  >>