للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وإن في مواعظ الأيام والليالي لعبرة لذوي البصائر، ركائب أموات تزعج عن مقصورات القصور، ثم تحمل إلى مضائق القبور. فكم قد شاهدتم من جثث أعيان في بقاع القاع قد صفت، وكم عاينتم من نواعم أبدان في مدارج الأكفان قد لفت، وكم أبصرتم من عرائس أجساد إلى الألحاد قد زفت، فيا لها غاية يستبق إليها العباد، ومضمارًا يتناوبه منهم جواد بعد جواد، ويا له من هول شديد بعده أهوال شداد، فتنة قبور، ونفخ في الصور، وبعثرة القبور، وحشر إلى موقف جثي على الركب، وموقف السلامة والعطب وموقف قطيعة الأنساب وضيعة الأحساب، وخضوع الرقاب، وانسكاب العبرات، وتصاعد الزفرات. ذلك موقف ينشر فيه الديوان، وينصب فيه الميزان، ويمد الصراط على النيران. وحينئذ يقع الامتياز فبين ناج قد فاز، وهالك قد انقطع به المجاز. فريق في الجنة، وفريق في السعير. فاستعدوا رحمكم الله وإياي لهذه الأهوال، ولا تغرنكم كواذب الآمال، فإن ما توعدون لآت، وليس بين العبد وبين القيامة إلا الممات فأكثروا رحمكم الله ذكر هادم اللذات، واستعدوا للآخرة قبل الممات. فعنه - صلى الله عليه وسلم -: «كفى بالموت واعظًا» و "كفى بالموت مزهدًا في الدنيا، ومرغبًا في الآخرة" جعلني الله وإياكم ممن قضى في الطاعة الأوقات، وغفر لي ولكم ما فرط من السيئات.

إن أنفع الكلام كلام الملك العلام.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى

<<  <  ج: ص:  >  >>