من فراقها بدًا، يا راكنًا إليها وقد أهلكت قبله أبًا وجدًا، يا مهملاً للتزود وركائب الرحيل به تحدى، يا من حدت له الحدود فلم يختر حدًا، يا من يضيع عمره وأنفاسه تعد عليه عدًا، يا منهمكًا في جمع المال، وهو يموت فرداً فيبعث فردًا، يا من جعلت الذنوب بين قلبه وبين الموعظة سدًا، يا قاسي القلب فما نفعه وعظ الواعظ ولا أجدى، يا من يبارز مولاه الذي يعلم ما أسر وما أبدى، يا كسلاً عن الطاعات ولم يأل في المعاصي جهدًا، يا ناظمًا خرزات الأمل في سلك المنى عقد، يا متعبًا في جمع المال بدنه كدحًا وكدًا. من لك إذا سافرت سفرًا بعيدًا، واستبدلت عن القصور لحدًا؟ وافترشت بعد لين فراشك تربًا خشنًا وحجرًا صلدًا؟ وكيف بك إذا سألك الملكان فلم تستطع جوابًا وردًا؟ ما حيلتك إذا بعثت من قبرك إلى ربك فردًا؟ ومن لك إذا طال المقام وامتد يوم القيامة مدًا؟ أم من لك إذا دعيت للعرض عليه يا من لحدوده طالما تعدى.
جعلني الله وإياكم من الآمنين وأدخلنا بفضله في عباده الصالحين، إن أشرف الكلام كلام الملك العلام، والله يقول، وقوله الحق المبين:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[النحل: ٩٨] . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً}[مريم: ٧٦] .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم منه بالآيات والذكر الحكيم وأجارني وإياكم من عذابه الأليم، وثبتني وإياكم على الصراط المستقيم.