أما بعد فيها أيها الناس إن سبيل العافية عافية لقلة سُلاكها، وإن علل القلوب القاسية مؤذنة بهلاكها، وإن حلل الذنوب بادية على سوقة الأمة وأملاكها، وإن رسل المنون قانصة لا تفلت أحدًا من شباكها. فما للعيون ناظرة ولا تبصر؟ وما للقلوب قاسية ولا تفكر؟ وما للعقول طائشة ولا تشعر؟ وما للنفوس ناسية ولا تذكر؟ أغرها إنظارها وإمهالها؟ أم بشرها بالنجاة أعمالها؟ أم لم يتحقق عندها من الدنيا زوالها؟ كلا ولكن شملت الغفلة، فاستحكم على القلوب أقفالها فكأن قد كشف الموت لأهل الغفلة قناعه، وأطلق على صحاح الأجسام أوجاعه، وحقق بكل الأنام إيقاعه، ولم يملك أحد منكم دفاعه، فخفق من المنزول به فؤاده، وانمحق من ناظره سواده، وقلق لهول مصرعه عواده ورحمه أعداؤه وحساده، وأزف عن أهله ووطنه بعاده، والتحق بذل اليتم أولاده، فيا له من واقع في كرب الحشارج حتى أدرج في تلك المدارج، وقدم على الله ذي المعارج، في منزل لا يبرح منه من نزله حتى يلحق آخر الخلق أوله. أفيظن ظان أن الله خلق الخلق ليهمله؟! كلا والله ليبعثنه من أماته. ليسأله عن الرسول ومن أرسله، وعن القرآن ومن أنزله، وعن الحرام الذي أكله، وعما اجترحه في دنياه وفعله، ثم ليوفين كل عامل منكم عمله، ويقابل كل بما عليه وله، علم ذلك من علمه وجهله من جهله. جعلني الله وإياكم ممن إذا أمر قبل، وإذا زجر وجل. إن أحسن الكلام على الإطلاق كلام ربنا الرحيم الخلاق، والله يقول وقوله الحق المبين:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[النحل: ٩٨] . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم {المص * كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا