للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كيف يغتر بها، ويطمئن إليها من تنصرم أيامه ولياليه؟ أم كيف يطيب فيها عيش من لا يدري متى الموت والله مفاجيه.

فيا واقفون والأيام والليالي بكم سائرة، إن فيما تشاهدون من العبر لموعظة زاجرة، فما للقلوب عن قبول المواعظ نافرة، وما للنفوس معرضة عن التذكرة كأنها بها ساخرة؟ وما للهمم عن العمل الصالح فاترة، أغرتكم الأماني، والآمال الحاضرة؟ أما علمتم أن كل جزء من الزمان يذهب بمثله من الأعمار؟ أما تحققتم أن العمر رأس مال الإنسان وأن ربحه العمل؟ أما تبين لكم أن ما فات لا عوض عنه ولا بدل؟ فوا عجبًا لواقف هو في حال وقوفه يرحل، ولمن يسار به ولا يدري إلى أي الدارين يحمل، ولمن وعظ بالمواعظ الصادقة فلم يقبل، ولمن نودي بالرحيل وأمر بالتزود فأهمل، ولمن يسيء عمله، وقد علم أنه سيجازى بما يعمل، والعجب أيضًا ممن يرى فعل الموت بالأتراب، ثم لا يمهد لنفسه في بيوت التراب.

فاستيقظوا رحمكم الله من الغفلة والسنة، وكونوا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وبادروا وأنتم في مكان الإمكان وفسح المهل، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل. واجتنبوا المعاصي فالفائز من كان لها مجانبًا، ولازموا التوبة إلى الله، فالسعيد من لم يزل إليه تائبًا.

جعلني الله وإياكم من الفائزين الآمنين، وجنبني وإياكم موارد الظالمين، إن أحسن الكلام كلام الملك العلام، والله يقول وقوله الحق المبين: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨] . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة:

<<  <  ج: ص:  >  >>