للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والانبساط شماله ويمينه، وعرق لهول مصرعه جبينه، فبكى لمنظره من حضره، وانتحب لمصرعه من أبصره، فلم يدفع الجزع عنه مقدورًا، ولا راقب الملك فيه أهلاً ولا عشيرًا، بل امتثل ما كان به مأمورًا، واتبع ما وجد في اللوح مسطورًا. هذا وهو أول من تنشق عنه الأرض، وصاحب الشفاعة يوم العرض، وأكرم أهل السماء وأهل الأرض، وعلى يقين من السلامة في المعاد، وثقة بالكرامة يوم الأشهاد. فكيف من لا يعلم متى الرحيل؟ ولا يتحقق أين المقيل؟ ولا يدري على ما يقدم، ولا بما عليه في القيام يحكم.

فيا خلف من قد دبر، ويا بقية من قد غبر، ويا جدد الآجال، وعبيد الآمال. أما تتعظون بمصرع سيد المرسلين، وإمام المتقين، وحبيب رب العالمين. أتظنون أنكم في الدنيا مخلدون؟ أم تحسبون أنكم من الموت محصنون؟ ساء ما تتوهمون، هيهات هيهات إنكم إذا لمغرورون وجدوا لله والرحيل، فاحتقبوا زادًا كافيًا، ووجب السؤال فأعدوا جوابًا شافيًا، فكأن قد نعق بكم ناعق الشتات، ودارت عليكم رحى الآفات، وعصفت فيكم ريح الممات، فلن تستطيعوا نقصًا من السيئات، ولا زيادة في الحسنات.

جعلني الله وإياكم من الفائزين الآمنين، وجنبني وإياكم موارد الظالمين. إن أحسن الكلام كلام الملك العلام، والله يقول وقوله الحق المبين: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨] . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: ٣٥] .

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم منه بالآيات

<<  <  ج: ص:  >  >>