للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أن لا إله إلا الله العزيز الحميد، شهادة ننجو بها من الفزع الأكبر يوم العيد. ونشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله البشير النذير الشهيد، اللهم فصل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أئمة العدل والتوحيد.

(أما بعد) أيها الناس فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فاتقوه، وأحثكم على مراقبته فإنكم ملاقوه، واحذروه كما حذركم نفسه في الكتاب، واذكروه كما أمركم يا أولي الألباب، واستغفروه؛ فإنه غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، واشكروه فكم أفاض عليكم من جزيل نعمه، وإياكم والمعاصي، فإنها مفاتح غضب الله ونقمه، ولا تشغلنكم دنياكم عن أساء المسنون والمفروض، ولا تغرنكم، فإنها لا تساوي عند الله جناح بعوض. كيف يغتر بها، ويطمئن إليها من تنصرم أيامه ولياليه؟ أم كييف يطيب فيها عيش من لا يدري متى الموت والله مفاجيه.

فيا واقفون والأيام والليالي بكم سائرة، إن فيما تشاهدون من العبر لموعظة زاجرة، فما للقلوب عن قبول المواعظ نافرة، وما للنفوس معرضة عن التذكرة كأنها بها ساخرة؟ وما للهمم عن العمل الصالح فاترة، أغرتكم الأماني، والآمال الحاضرة؟ أما علمتم أن كل جزء من الزمان يذهب بمثله من الأعمار؟ أما تحققتم أن العمر رأس مال الإنسان وأن ربحه العمل؟ أما تبين لكم أن ما فات لا عوض عنه ولا بدل؟ فوا عجبًا لواقف هو في حال وقوفه يرحل، ولمن يساربه ولا يدري إلى أي الدارين يحمل، ولمن وعظ بالمواعظ الصادقة فلم يقبل، ولمن نودي بالرحيل وأمر بالتزود فأهمل، ولمن يسيء عمله، وقد علم أنه سيجازى بما يعمل، والعجب أيضًا ممن يرى فعل الموت بالأتراب، ثم لا يمهد لنفسه في بيوت التراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>